في إطار الاحتفال بمرور عقدين من الزمن على إلقاء الخطاب الملكي السامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده بمدينة وجدة بتاريخ 18 مارس سنة 2003، حيث تم إطلاق المبادرة الملكية لتنمية الجهة الشرقية والتي شكلت منصة لإنجاز المشاريع المهيكلة والأوراش الكبرى، هذه المنجزات والمكتسبات التنموية التي تحققت خلال عقدين من الزمن، وكما هو معلوم، فبفضل المبادرة الملكية لتنمية الجهة الشرقية، ومن خلال المشاريع التي شملت مجالات متعددة، استطاعت جهة الشرق أن تفرض نفسها كقطب تنموي تنافسي.
عشرون عاما من الأحداث البارزة والخطط والبرامج، التي انخرطت جهة الشرق في دينامياتها، وهنا الإشارة إلى المبادرة الوطنية للتنمية البشرية التي تم إطلاقها سنة 2005، وكذا إصدار الوثيقة الدستورية لسنة 2011، فضلا عن تنزيل ورش الجهوية المتقدمة سنة 2015، بالإضافة لمخرجات النموذج التنموي الجديد، وحصيلة برنامج تنمية جهة الشرق 2016-2021 ورهانات التصميم الجهوي لإعداد التراب 2045، الميثاق الوطني للاتمركز الإداري، فهذا المناخ العام والذي تبلورت وتفاعلت في خضمه مجموعة من البرامج والمشاريع، تطلبت المواكبة الإعلامية؛ وفي هذا السياق، نشير إلى أهمية الإعلام ودوره في نشر المعرفة التي تساهم في خلق المناخ الاجتماعي الذي يدعم التنمية بمفهومها الشامل، ولهذا، يتجلى لنا بالملموس دور إدماج البعد الإعلامي وانخراطه التلقائي في مواكبة الديناميات التنموية، وذلك عبر استقاء وانتقاء وتحليل المعلومات والمعطيات وبالتالي بث ونشر محتويات مضبوطة ذات طابع تنموي في مختلف الأشكال الإعلامية، وذلك بكل احترافية وأخلاق مهنية تدعم ثقافة الانتماء والاعتزاز والارتباط بالهوية المغربية.
عقدين من الزمن، شهدت جهة الشرق تحولات اقتصادية واجتماعية وثقافية وبيئية ورياضية، كان الإعلام دائما حاضرا ومواكبا لهذا التحول التنموي، خاصة في ظل الثورة الرقمية التي يشهدها العالم، حيث تظهر أهمية استخدام وسائل تكنولوجيا المعلومات الحديثة، الشيء بات يفرض على المؤسسات والجماعات الترابية المزيد من الانفتاح والتواصل، وتبسيط المساطر وتيسير الولوج إلى المعلومات ونشرها بصفة استباقية وجعلها متاحة للجميع.
ونحن نثير موضوع ” إلقاء الخطاب الملكي السامي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده بمدينة وجدة “، فإن ذلك يحيلنا مباشرة على المؤهلات الطبيعية والطاقات البشرية التي تزخر بها هذه الجهة، وكذلك موقعها الاستراتيجي الذي يجعل منها نقطة ارتكاز مغاربية وواجهة متوسطية وبوابة نحو الفضاء الإفريقي، وتوفرها على أقرب واحة من أوروبا، فهذا التنوع يشكل قيمة مضافة تبرز أهمية تفعيل آليات التسويق الترابي والانفتاح المؤسساتي، الذي يتطلب إشراك الإعلام، لخلق الإشعاع التنموي الواسع النطاق، وهذا لن يتأتى إلا عبر ترسيخ منظومة تواصلية إعلامية منفتحة.
وكما يقال، ” أن التنمية هي بمثابة مدارة طرقية تتقاطع فيها سبل الاقتصاد والثقافة والصحة والتعليم والإعلام وغيرها، الشيء الذي يفرض علينا ضرورة استثمار الذكاء الجماعي للمساهمة في تجويد البرامج وطرح البدائل وفتح النقاش والحوار الجاد والمسؤول، وبالتالي توفير الشروط لمواكبة التغيير وتدبير مراحله، خاصة وأننا أمام مسيرة بناء مغرب الغد، مغرب الجهات.
أن تدبير الشأن الترابي يتطلب بالضرورة استحضار مبادئ الحكامة الجيدة، من أجل تحقيق الالتقائية والتناغم بين البرامج والسياسات العمومية والترابية، وذلك لضمان التجاوب مع التطلعات الانتظارات، وكسب رهان التنمية المستدامة، وفي هذا الإطار، تتبين أهمية تدبير الزمن التنموي في ترصيد المكتسبات وتحقيق الإنجازات، كما أن عملية تحديد الهويات المجالية والتفاعل مع المتطلبات والحاجيات تساهم في إرساء تنمية ترابية متوازنة، وفي هذا الاتجاه، لابد من الإشارة إلى أن الجهوية المتقدمة تعد ورشا مفتوحا، يسمح بإبداع الحلول واستشراف المستقبل بمقاربات خلاقة ومبتكرة، خاصة على مستوى تحديث أساليب التدبير وآليات التشاور والحوار، مع العلم أننا أمام منظومتين من الواجب خلق التكامل الوظيفي بينهما والأمر يتعلق بالديمقراطية التمثيلية والديمقراطية التشاركية، وفي هذا الإطار، يمكن الحديث عن الإعلام التنموي التشاركي، لتتضح لنا مجددا أهمية دور الإعلام وتواجده ومواكبته لجميع المراحل التدبيرية والتداولية والتشاورية.
أنس زيزي